
أعلنت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر عن تصاعد معدلات الوفيات اليومية بين الأطفال والنساء وكبار السن نتيجة الجوع الحاد، في ظل انعدام كامل للمواد الغذائية الأساسية، بما في ذلك “الأمباز”، وهو علف الحيوانات الذي تحول إلى بديل غذائي في المدينة المنكوبة. وأشارت التنسيقية إلى أن المدينة تعيش تحت وطأة حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، التي تواصل قصفها المدفعي على الأحياء السكنية، ما فاقم من تدهور الوضع الإنساني. وأكدت أن الجوع بلغ مستوى الكارثة، وأن ما يحدث في الفاشر يُعد استخداماً ممنهجاً للتجويع والقصف كأدوات حرب ضد المدنيين، وسط صمت رسمي وصفته بأنه لا يقل كارثية عن الانتهاكات نفسها.
استهداف طبي
في سياق متصل، كشفت شبكة أطباء السودان عن مقتل الطبيب عمران إسماعيل آدم وإصابة ثلاثة آخرين جراء قصف نفذته قوات الدعم السريع على مستوصف أبوقرون في مدينة الفاشر. وأوضحت الشبكة في بيان اطلع عليه راديو دبنقا أن الطبيب عمران كان من الكوادر الأساسية في الشبكة، وواحداً من المصادر الميدانية التي نقلت الواقع الإنساني من داخل المدينة. وأكدت أن استهدافه تم أثناء وجوده في عيادته، ما يعكس خطورة الوضع الأمني الذي يواجه العاملين في القطاع الصحي، ويُظهر حجم التهديدات التي تطال حتى المرافق الطبية في ظل استمرار العمليات العسكرية.
اغتيال مهندس
اتهم مدير مشروع المياه وإصحاح البيئة في شمال دارفور قوات الدعم السريع بالوقوف وراء مقتل المهندس الصادق إبراهيم عبد الرحمن، رئيس قسم جودة وسلامة المياه بالمشروع. وأوضح في بيان رسمي أن المهندس تم اختطافه أثناء توجهه من مدينة الفاشر إلى محلية طويلة، قبل أن يُقتل لاحقاً. ويأتي هذا الحادث في وقت تتزايد فيه الانتهاكات ضد الكوادر الفنية والخدمية، ما يهدد بانهيار الخدمات الأساسية في المناطق المتأثرة بالنزاع. ويُعد اغتيال المهندس الصادق مؤشراً خطيراً على استهداف ممنهج للعاملين في القطاعات الحيوية، وسط غياب أي ضمانات لحمايتهم.
دعوة عاجلة
أعادت تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر التأكيد على أن المدينة تسجل وفيات يومية بسبب الجوع، مشيرة إلى أن الوضع تجاوز مرحلة الشكوى إلى ما وصفته بـ”الفناء البطيء”. وأوضحت أن “الأمباز”، الذي كان يُستخدم كبديل غذائي، اختفى تماماً من الأسواق، ما فاقم من معاناة السكان. واتهمت قوات الدعم السريع بفرض حصار ممنهج على المدينة، واستخدام التجويع كأداة حرب، في ظل تقاعس الدولة عن اتخاذ أي خطوات جادة لفك الحصار. كما انتقدت الأمم المتحدة، معتبرة أن حديثها عن “مقترحات دون تنفيذ” لا يرقى إلى مستوى الأزمة، وطالبت بفتح جسر جوي عاجل لإدخال المساعدات الإنسانية، مؤكدة أن الاشتباكات والجرائم تجاوزت القدرة على الحصر.
إدانة دولية
أدانت منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، دينيس براون، بأشد العبارات الاستهداف المتكرر والمتعمد للمدنيين في ولاية شمال دارفور، وذلك عقب سلسلة هجمات بطائرات مسيّرة على مدينة الفاشر يومي الجمعة والسبت، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 57 مدنياً، بينهم 17 طفلاً، وفقاً لتقارير منظمة اليونيسف، من بينهم رضيع يبلغ من العمر سبعة أيام فقط. كما تسببت الهجمات في نزوح نحو 500 شخص، بحسب منظمة الهجرة الدولية. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن الهجمات، التي نُسبت إلى قوات الدعم السريع، استهدفت موقعاً للنازحين في حي الدرجة الأولى، وتبعتها ضربات أخرى شملت قصف المستشفى السعودي، آخر المرافق الطبية العاملة في المدينة، بالإضافة إلى قصف بطائرة مسيّرة على منطقة الكومة شرق الفاشر، الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع.
مطالبات رسمية
في رد دبلوماسي، أودعت بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف مذكرة شديدة اللهجة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، ورئيس مجلس حقوق الإنسان، ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بشأن الاعتداء الذي نفذته قوات الدعم السريع على دار الأرقم لإيواء النازحين في الفاشر. وأرفقت البعثة مع المذكرة بياناً صادراً عن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، مؤكدة أن الجرائم المرتكبة هي نتيجة مباشرة لصمت المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات السابقة. وطالبت البعثة المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان والمفوض السامي، بالانتقال من مرحلة البيانات والإدانات إلى اتخاذ إجراءات رادعة، تضع حداً لما وصفته بالخروقات غير المسبوقة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والبروتوكولات ذات الصلة باتفاقيات جنيف لعام 1949.
Source link



