
شهد قطاع التحكيم السوداني خلال الأيام الماضية حالة من التباين اللافت، إذ تزامن نجاح الحكم الدولي محمود إسماعيل شانتير في قيادة واحدة من أبرز المباريات القارية على مستوى الأندية، مع تعرض الطاقم التحكيمي السوداني لانتكاسة تمثلت في استبعاد أحد أبرز مساعديه من المشاركة في نهائي كأس السوبر الأفريقي، إلى جانب الغياب الكامل للحكام السودانيين عن قوائم بطولتي كأس الأمم الأفريقية المقبلة وكأس العرب. هذا التناقض بين الإنجاز الفردي والإقصاء الجماعي يعكس واقعًا مركبًا يواجهه التحكيم السوداني في المحافل الدولية، ويطرح تساؤلات حول آليات التقييم المعتمدة من قبل الجهات المنظمة.
تعديل مفاجئ
أعلنت لجنة الحكام التابعة للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) عن إجراء تعديل على طاقم التحكيم المكلف بإدارة مباراة كأس السوبر الأفريقي لعام 2025، والتي جمعت بين فريقي بيراميدز المصري ونهضة بركان المغربي، وأقيمت يوم السبت في العاصمة المصرية القاهرة. التعديل شمل استبعاد الحكم المساعد السوداني محمد عبد الله نيالا من الطاقم الأساسي، وتكليف الحكم الكيني إستيفن أونيانغو بدلاً منه كمساعد أول. هذا القرار جاء على خلفية الأخطاء التحكيمية التي ارتكبها نيالا خلال مباراة ليبيا والرأس الأخضر ضمن التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم، والتي أثارت جدلاً واسعًا بسبب تأثيرها المحتمل على نتيجة اللقاء.
قيادة ناجحة
ورغم استبعاد مساعده، نجح الحكم السوداني محمود إسماعيل شانتير في إدارة مباراة السوبر الأفريقي بكفاءة عالية، حيث تولى قيادة اللقاء بمساعدة الطاقم الجديد الذي ضم الكيني إستيفن أونيانغو كمساعد أول، والكيني جيلبرت شيروت كمساعد ثانٍ، إلى جانب الموريتاني عبد العزيز بوه كحكم رابع. المباراة انتهت بفوز فريق بيراميدز المصري على نظيره نهضة بركان المغربي بهدف دون مقابل، ليُتوّج بلقب البطولة. أداء شانتير في هذه المباراة حظي بإشادة واسعة، لكنه لم يكن كافيًا لتغيير واقع الغياب السوداني عن قوائم التحكيم في البطولات الكبرى.
تعليق النجومي
وفي تعليقه على استبعاد محمد عبد الله نيالا، أوضح خبير التحكيم السوداني الكابتن أحمد النجومي، في تصريحات لموقع الصفوة الرياضي، أن القرار جاء نتيجة أخطاء تحكيمية واضحة، لكنه شدد على أن الخطأ يظل جزءًا طبيعيًا من العمل البشري، حتى بالنسبة للحكام الأكثر خبرة وتميزًا. النجومي أشار إلى أن الأداء التحكيمي لا يخلو من الهفوات، وأن تقييم الحكام يجب أن يأخذ في الاعتبار السياق العام وظروف المباريات، لا أن يُبنى على حالات فردية قد تكون استثنائية.
غياب قاري
وفي سياق متصل، تناول النجومي مسألة غياب الحكام السودانيين عن بطولات كبرى مثل كأس الأمم الأفريقية المقررة في المغرب، والبطولة العربية، مرجعًا ذلك إلى محدودية عدد الدورات والبطولات العربية مقارنة بنظيرتها الأفريقية. وأوضح أن البطولات الأفريقية تتميز بكثافة تنظيمية واستمرارية تتيح فرصًا أوسع للحكام السودانيين للمشاركة، في حين أن البطولات العربية لا توفر ذات المساحة، ما ينعكس على حجم التمثيل السوداني فيها. هذا التفاوت في فرص المشاركة يضع التحكيم السوداني أمام تحديات تتطلب إعادة نظر في آليات التأهيل والتطوير.
قوائم غائبة
وفي تطور يعكس حجم التحديات، أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم عن تشكيل لجنة الحكام للعام 2025، وجاءت القائمة خالية تمامًا من أي اسم سوداني، سواء على مستوى الحكام الرئيسيين أو المساعدين أو الفنيين. اللجنة الجديدة يترأسها الكونغولي أوليفييه سفاري كابيني، ويشغل منصب نائب الرئيس الجنوب أفريقي فيكتور ميغيل دي فريتاس غوميز. وفي صدمة أخرى، خلت قائمة الحكام التي اعتمدها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لإدارة مباريات بطولة كأس العرب للمنتخبات، والتي أُقيمت في العاصمة القطرية الدوحة، من أي تواجد سوداني، رغم أنها ضمت 54 حكمًا من مختلف الدول.
مراجعة مطلوبة
الغياب المتزامن للحكام السودانيين عن قوائم “كاف” و”فيفا”، رغم النجاح الفردي الذي حققه محمود شانتير في نهائي السوبر الأفريقي، يسلط الضوء على أزمة تقييم أوسع نطاقًا تواجه التحكيم السوداني على المستوى القاري والدولي. هذا الواقع يفرض ضرورة إجراء مراجعة شاملة لبرامج التأهيل والتطوير، إلى جانب تعزيز الحضور السوداني في الدورات والبطولات الإقليمية، لضمان عودة القضاة السودانيين إلى المنافسة الفاعلة في المحافل الدولية، واستعادة مكانتهم ضمن منظومة التحكيم العالمية.
Source link



