
في تطور مأساوي يعكس حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة في شمال دارفور، أعلنت منسقية النازحين واللاجئين عن وفاة طفلتين جوعاً أثناء رحلة النزوح من مدينة الفاشر إلى منطقة طويلة يوم الأحد، وسط تصاعد حدة القصف المدفعي والهجمات الجوية والمعارك البرية المستمرة. وأكدت المنسقية أن قوات الدعم السريع واصلت صباح اليوم قصفها المدفعي المكثف على أحياء المدينة، ما أدى إلى موجات نزوح جديدة في ظل ظروف إنسانية بالغة القسوة. هذه الحادثة تأتي في سياق انهيار شامل في الخدمات الأساسية، وتفاقم معاناة المدنيين الذين يفرون من مناطق القتال بحثاً عن مأوى آمن.
نشر الناطق الرسمي باسم منسقية النازحين واللاجئين، آدم رجال، عبر صفحته على فيسبوك، مقاطع فيديو توثق وصول مئات النازحين من الفاشر إلى منطقة طويلة خلال يومي السبت والأحد، مشيراً إلى أن 346 أسرة تضم 1298 فرداً وصلت إلى المنطقة في الفترة من 18 إلى 19 أكتوبر الجاري. وأوضح أن هؤلاء النازحين يعيشون في ظروف إنسانية حرجة، ويعانون من نقص حاد في الغذاء والماء والرعاية الصحية ومواد الإيواء والدعم النفسي، داعياً الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لتقديم الخدمات الأساسية للناجين. وتأتي هذه الدعوة في وقت تتزايد فيه أعداد الفارين من الفاشر، وسط استمرار العمليات العسكرية وتدهور الأوضاع الأمنية.
من جانبها، كشفت منظمة الهجرة الدولية عن نزوح 1520 شخصاً من الفاشر إلى طويلة ومناطق أخرى خلال الفترة من 15 إلى 19 أكتوبر 2025، في مؤشر واضح على اتساع رقعة النزوح الجماعي. وفي السياق ذاته، أفادت منظمة أطباء بلا حدود أن مستشفى طويلة استقبل يوم أمس أكثر من 150 شخصاً، بينهم 49 امرأة و28 طفلاً دون سن الخامسة عشرة، مشيرة إلى أن العديد منهم وصلوا في حالة إعياء شديد بعد أشهر من الجوع والهجمات المتكررة في الفاشر. وأوضحت المنظمة، في تغريدة عبر منصة “إكس”، أنها جهزت سيارات إسعاف عند مدخل المدينة لفرز الحالات، ونصبت خيمتين إضافيتين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية لاستيعاب المرضى الذين يحتاجون إلى تدخلات جراحية عاجلة، مؤكدة أن فرقها الطبية تعمل بكامل طاقتها لمواصلة تقديم الرعاية للجرحى.
في تقرير ميداني صادر عن منظمة “ميد غلوبال” الطبية الإنسانية، استند إلى شهادات من 900 شخص فروا حديثاً من الفاشر، تبين أن 75% من سكان المدينة لا يحصلون على الطعام بشكل منتظم، وأن نصف السكان لا يحصلون على مياه صالحة للشرب. كما كشفت الشهادات أن 86% من السكان لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، بينما تعاني 38% من النساء الحوامل والمرضعات من سوء التغذية. وأشار المواطنون إلى أن 90% من منازلهم تعرضت للتدمير أو النهب قبل فرارهم، فيما أكد نصفهم أنهم كانوا ضحايا للعنف المباشر، وأن 75% منهم اضطروا إلى تغيير أماكن سكنهم ثلاث مرات على الأقل منذ بدء النزاع، ما يعكس حجم المعاناة المتراكمة في المدينة المنكوبة.
في موازاة الأزمة الإنسانية، جدّدت قوات الدعم السريع صباح اليوم قصفها المدفعي المكثف على مدينة الفاشر، في وقت أعلنت فيه القوات المسلحة أنها تمكنت من صدّ هجوم واسع شنّته قوات الدعم السريع من ثلاثة محاور يوم الأحد. ووفقاً لشهود عيان، تسبب القصف في سقوط عدد كبير من الضحايا، فيما أصدرت قيادة الفرقة السادسة مشاة بياناً أكدت فيه صدّ قوة مشاة من الدعم السريع حاولت التسلل فجراً إلى “مدرسة القيادة” بهدف الوصول إلى مقر قيادة الفرقة. وأشار البيان إلى أن الهجوم تزامن مع قصف مدفعي كثيف، وشمل محورين إضافيين من الجهة الشمالية والشرقية، مؤكداً أن القوات المسلحة تمكنت من احتواء الهجوم ومنع تقدم القوات المهاجمة. هذا التصعيد يعكس استمرار المعارك في المدينة، ويزيد من تعقيد الوضع الإنساني والأمني في شمال دارفور.
Source link



