
في بيان رسمي صدر عن مؤسسات الاتحاد الأوروبي، دعت بروكسل إلى انخراط فعّال في مفاوضات تهدف إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان، وإطلاق عملية سلام شاملة وذات مصداقية تؤدي إلى إنهاء دائم للأعمال العدائية. وأكد البيان أن الاتحاد الأوروبي يرى في الأزمة السودانية تهديداً مباشراً لوحدة البلاد وسلامة أراضيها، مشيراً إلى أن الانقسامات السياسية والعرقية المتزايدة، إلى جانب ظهور هياكل حكم موازية، تُفاقم من خطورة الوضع وتدفع نحو سيناريوهات تفكك محتملة. وأعلن الاتحاد رفضه القاطع لأي محاولة لتقسيم السودان، مؤكداً أن الحفاظ على وحدة الدولة يمثل أولوية استراتيجية لا يمكن التهاون معها.
البيان الأوروبي حمّل قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى جانب الجهات الداعمة لهما، المسؤولية الأساسية عن استمرار النزاع، داعياً إلى تحمّل مسؤولياتهم السياسية والأخلاقية في إنهاء القتال. كما طالب الاتحاد جميع الأطراف المتورطة في النزاع بضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع ومستدام، دون عوائق، مع الالتزام بحماية المدنيين في كافة أنحاء السودان. وشدد البيان على ضرورة توفير ضمانات موثوقة لتيسير انتقال سياسي نحو حكم مدني شامل، تمثيلي ومستقل، مع استعادة سيادة القانون، وتفعيل آليات المساءلة، واحترام القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، لضمان تحقيق العدالة للشعب السوداني.
أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده لزيادة مستوى التفاعل مع أطراف النزاع، بشرط تحقيق تقدم ملموس نحو تنفيذ المطالب الأساسية التي حددها في بيانه. وأكد التزامه الكامل بدعم الشعب السوداني، والاضطلاع بدور فاعل في معالجة الأزمة بطريقة شاملة، تضمن إشراك جميع الأطراف ذات الصلة. كما أشار إلى أنه سيواصل المشاركة النشطة في الجهود الدبلوماسية، بما في ذلك على أعلى المستويات، وسيعمل بصوت موحد، مع تعزيز الصيغ التوافقية، وضمان التنسيق الكامل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي تتبنى توجهات مماثلة.
البيان الأوروبي أكد أيضاً أن الاتحاد سيواصل استخدام كافة أدوات السياسة الخارجية المتاحة له، بما في ذلك التدابير التقييدية المحددة الأهداف، متى اقتضت الضرورة، من أجل الدفع نحو حل سلمي للأزمة السودانية. وأوضح أن هذه الأدوات ستُوظف بشكل مكثف في المرحلة المقبلة، ضمن استراتيجية دبلوماسية تهدف إلى كبح التصعيد العسكري، وتعزيز فرص التوصل إلى تسوية سياسية عادلة. كما جدّد الاتحاد الأوروبي اعترافه بالحقوق الأصيلة للشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة، مؤكداً التزامه بمرافقة السودان في جهوده للحفاظ على وحدته، وتحقيق الاستقرار والديمقراطية والازدهار المستدام.
وفي تعليق على البيان الأوروبي، اعتبر الصحفي السوداني محمد عثمان إبراهيم أن الحكومة السودانية قد تجد نفسها عاجزة عن الرد بما يليق من رفض وازدراء، نظراً لتعقيدات التواصل مع الدول الغربية، وعدم القدرة على ترك الساحة الدبلوماسية فارغة أمام نفوذ مشيخة أبوظبي، التي وصفها بأنها تدعم قوات الجنجويد وعناصر من قوى الحرية والتغيير. وأشار إلى أن السودان لم يعد في موقع يخشى التهديدات، بعد أن دمرت الحرب، بتواطؤ داخلي وخارجي، مؤسسات الدولة والبنية التحتية والخدمات، وأفقدت المجتمع أمنه وسلامه وتصالحه.
أوضح عثمان أن الحرب في السودان أودت بحياة عشرات الآلاف، وتسببت في إصابة أضعافهم، وتشريد أكثر من عشرة ملايين مواطن، ونهب المصارف والأصول المالية، متسائلاً عن جدوى تهديدات الاتحاد الأوروبي في ظل هذا الواقع المدمر. وانتقد دعوة الاتحاد لتشكيل حكومة مدنية في وقت تموّل فيه الحرب ترليونات الدولارات من ثروات شعب الإمارات، معتبراً أن المطلب الحقيقي للشعب السوداني هو تشكيل حكومة حرب عسكرية لا تضم إلا من يحمل السلاح دفاعاً عن الوطن والمواطنين.
واختتم عثمان تعليقه بالإشارة إلى ما وصفه بازدواجية المعايير الأوروبية، قائلاً إن الاتحاد الأوروبي يطالب بالتفاوض مع قوات الجنجويد، بينما يغض الطرف عن جرائمهم، مدفوعاً بالمصالح المالية. وأضاف أن الاتحاد كان عليه أن يطالب حكوماته بالتفاوض مع مواطنيها الذين يتظاهرون في فرنسا وبريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة، بحثاً عن حقوقهم الإنسانية، رغم أنهم لا يخوضون حروباً، بل يواجهون أنظمة رأسمالية تستنزف جهودهم وكرامتهم دون أن تُحاسب.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا
Source link



