أخبار العالم

غياب الكبار يهزّ مجموعة العشرين! – DW – 2025/11/22

مجموعة العشرين هي المنتدى الذي يجمع منذ عام 1999 بين أهم الدول الصناعية والدول الناشئة. هذا المزيج من مختلف مستويات التنمية والأنظمة السياسية هو بالذات ما يجعل  مجموعة العشرين ذات قيمة كبيرة في نظر أعضائها. تضم المجموعة 19 دولة بالإضافة إلى منظمتين إقليميتين هما الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. يمثل أعضاؤها أكثر من 80 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي.

لكنها المرة الأولى في تاريخ المنظمة التي يغيب فيها أهم ثلاثة رؤساء دول وحكومات وهم: رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ.

أجرى المستشار الألماني فريدريش ميرتس (الأول من اليمين) محادثة مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا في يونيو 2025 على هامش قمة مجموعة السبع في كندا.
أجرى المستشار الألماني فريدريش ميرتس (الأول من اليمين) محادثة مع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا في يونيو 2025 على هامش قمة مجموعة السبع في كندا.صورة من: Guido Bergmann/dts Nachrichtenagentur/IMAGO

ترامب وشي وبوتين لم يعودوا يولون أهمية كبيرة لمجموعة العشرين

لم يبرر شي سبب رفضه المشاركة. أما بوتين فمنذ صدور مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بسبب الهجوم على أوكرانيا أصبح يتوقع دائما أن يتم اعتقاله في الخارج ولم يشارك منذ ذلك الحين. وعلى عكس هذين الاثنين لم يرسل ترامب حتى وفدا إلى جوهانسبرغ في إهانة لم يسبق لها مثيلا.

وقد برر الرئيس الأمريكي ذلك بالقول إن المزارعين البيض يتعرضون للاضطهاد في جنوب أفريقيا، البلد المضيف دون أن تتخذ الحكومة هناك أي إجراء لوقف ذلك. وخلال زيارة الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوسا تحدث عن “إبادة جماعية”. وترفض حكومة جنوب أفريقيا هذه الاتهامات بشدة. كما أن  الحكومة الألمانية لا ترى أي دليل على ذلك.

ماذا يعني غياب الثلاثة الكبار بالنسبة لمجموعة العشرين؟ “إنه يظهر أن الثلاثة المتنمرين في السياسة العالمية لم يعودوا يولون أهمية كبيرة لهذا الحدث لأسباب مختلفة جدا”، كما كتب خبير السياسة يوهانس فارويك لـ DW. وهو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هاله. “هذه ليست بشرى خير بالنسبة لنوع التعددية الذي طالما تمتعت به مجموعة العشرين”.

نظام عالمي جديد

لكن بالنسبة للمستشار الألماني فريدريش ميرتس هذا ليس سببا للبقاء في المنزل، بل على العكس. إنها إشارة مهمة للتعددية التي يراها المستشار الألماني:” انا أدعو إلى عدم التركيز دائما على من ليسوا موجودين،، كما قال المتحدث باسم الحكومة سيباستيان هيله في هذا الصدد مؤكدا: “مجموعة العشرين ستظل شكلا مهما للحكومة الفيدرالية”.

مايو 2025: عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوسا خلال زيارته إلى واشنطن تقارير عن اضطهاد وقتل جنوب أفريقيين بيض
مايو 2025: عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوسا خلال زيارته إلى واشنطن تقارير عن اضطهاد وقتل جنوب أفريقيين بيض صورة من: Evan Vucci/AP/picture alliance

تحدثت الحكومة الألمانية عن بيئة دولية صعبة لمجموعة العشرين وأن النظام متعدد الجنسيات الذي تدافع عنه أصبح موضع تساؤل.

وقد أصبح هذا النظام موضع تساؤل بشكل خاص بسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا. ولكن حتى داخل مجموعة العشرين هناك دول لم تدين الهجوم ولم تشارك في العقوبات ضد روسيا، بل إنها، مثل الهند، تستفيد من ذلك كوسيط لتجارة النفط الروسي.

ومن بين التغيرات الجيوسياسية التي طرأت منذ تأسيس  مجموعة العشرين الصعود الاقتصادي والعسكري الهائل للصين. وتستخدم الصين نفوذها المتزايد بلا رحمة سواء من خلال دعم روسيا في الحرب ضد أوكرانيا أو من خلال فرض قيود على تصدير المعادن النادرة.

“نشهد حاليا إعادة توزيع سريعة للموازين السياسية العالمية وتوازنات القوى”، كما يقول يوهانس فارويك. “لم يعد الغرب السياسي المنقسم في كثير من القضايا القوة المهيمنة وتظهر دول الجنوب العالمي بثقة جديدة. على الرغم من هذه التغيرات الهيكلية كان مؤتمر مجموعة العشرين دليلا واضحا على أن القوى القديمة والصاعدة مهتمة بالحوار وتريد أن ترى ما يمكنها تحقيقه معا”. لكن هذا الأمر انتهى الآن.

دونالد ترامب لا يحب التركيز على أفريقيا

قمة مجموعة العشرين المقبلة هي الأولى التي تعقد في القارة الأفريقية. ويريد المضيفون الاستفادة من ذلك. فقد أعلن الرئيس رامافوسا في عام 2024: “سنضع تنمية أفريقياعلى رأس جدول الأعمال عندما نتولى رئاسة مجموعة العشرين في عام 2025″.

2019 ، عالم مختلف: المشاركون في قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان (من اليسار) الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ
2019 ، عالم مختلف: المشاركون في قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان (من اليسار) الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينغصورة من: MIKHAIL KLIMENTYEV/AFP/Getty Images

على وجه التحديد تريد جنوب إفريقيا على سبيل المثال تشجيع التحول إلى الطاقة النظيفة في البلدان النامية. ويعد تخفيف ديون البلدان الفقيرة هدفا آخر. لكن هذه الأجندة بالذات إلى جانب الملاحقة المزعومة للجنوب إفريقيين البيض هي السبب في عدم حضور دونالد ترامب.

أما الحكومة الألمانية في برلين فموقفها مختلف تماما. قال المستشار الفيدرالي قبل مغادرته: “سأغتنم هذه الفرصة لإجراء حوار معمق مع الدول الأفريقية على وجه الخصوص”، بغض النظر عن عدد الإلغاءات التي قد تحدث. بعد اجتماع مجموعة العشرين سيتوجه ميرتس إلى أنغولا لحضور قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. وقد أعلنت الحكومة الألمانية أن ذلك يرسل إشارة مهمة للتعاون بين أوروبا وأفريقيا.

الأمل في ألمانيا في مكافحة عدم المساواة

من بين أهداف جنوب أفريقيا في قمة مجموعة العشرين الحد من  عدم المساواة في العالم. وتنتقد الدولة المضيفة عدم إيلاء اهتمام كافٍ لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والعادلة.

قبل انعقاد القمة بوقت قصير طالب أكثر من 500 خبير اقتصادي  بتشكيل لجنة لمكافحة التفاوت في توزيع الثروة. وفي رسالة مفتوحة إلى ممثلي مجموعة العشرين أعرب الموقعون عن قلقهم من أن “التركيز الشديد للثروة يتحول إلى تركيز غير ديمقراطي للسلطة ويقوض الثقة في مجتمعاتنا ويؤدي إلى استقطاب سياساتنا”.

لا يمكن للمجموعة بقيادة جوزيف ستيغليتز، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد أن تعتمد على دعم الولايات المتحدة في الوقت الحالي لكنها تأمل في الحصول على دعم المستشار الألماني فريدريش ميرتس. ففي نهاية المطاف شاركت ألمانيا في يونيو في تأسيس “التحالف العالمي ضد عدم المساواة” الذي يعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.

تعرض هذا المبنى السكني في مدينة ترنوبل الأوكرانية لأضرار بالغة جراء هجوم روسي. لم تدن العديد من دول مجموعة العشرين الغزو الروسي لأوكرانيا
تعرض هذا المبنى السكني في مدينة ترنوبل الأوكرانية لأضرار بالغة جراء هجوم روسي. لم تدن العديد من دول مجموعة العشرين الغزو الروسي لأوكرانياصورة من: Rostyslav Kovalchuk/AP Photo/picture alliance

“عودة الغابة”

بسبب الخلافات العميقة بين أعضاء مجموعة العشرين من الواضح بالفعل أنه لن يكون هناك وثيقة ختامية مشتركة للقمة، بل مجرد بيان من المضيف الجنوب أفريقي.

كيف سيكون مستقبل مجموعة العشرين في ظل هذه الظروف؟ “من المرجح أن تلعب صيغ مثل BRICS Plus دورا أكبر. ففيها لا تضطر الصين وروسيا إلى الاستماع إلى محاضرات أخلاقية من الغرب”، كما يعتقد يوهانس فارويك. “كما سيكون هناك المزيد من التحالفات المتغيرة بين الدول الراغبة في التعاون”.

فبدلا من التعددية والنظام القائم على القواعد الذي تدعمه ألمانيا أيضا هناك بشكل متزايد “تعددية صغيرة قائمة على المصالح المتغيرة. هذا هو الاتجاه السائد: نحن نشهد عودة الغابة”.

على الرغم من هذه الرياح المعاكسة التي تؤثر أيضا على مصالح الحكومة الألمانية يخلص فارويك إلى أنه لا يوجد بديل جيد لألمانيا سوى الاستمرار في الاعتماد على صيغ مثل مجموعة العشرين.

أعده للعربية: م.أ.م


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى